۲ آذر ۱۴۰۳ |۲۰ جمادی‌الاول ۱۴۴۶ | Nov 22, 2024
سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد هاشم الحيدري

وكالة الحوزة ـ أجرى الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثانی من الحلقة الخامسة إلى معالم وخصائص الإسلام المحمدي الأصيل، مشيرا إلى أنواع الجهاد وأن جميع الأئمة عليهم السلام جاهدوا حسب مقتضيات زمانهم، مبينا أن الإسلام يولي اهتماما بالغا بالبعد الفردي والاجتماعي.

أفادت وكالة أنباء الحوزة أن الباحث الإسلامي العراقي سماحة السيد هاشم الحيدري أجرى سلسلة حوارات حول قضية عاشوراء والنهج الحسيني، إذ تطرق في القسم الثانی من الحلقة الخامسة إلى معالم وخصائص الإسلام المحمدي الأصيل، مشيرا إلى أنواع الجهاد وأن جميع الأئمة عليهم السلام جاهدوا حسب مقتضيات زمانهم، مبينا أن الإسلام يولي اهتماما بالغا بالبعد الفردي والاجتماعي، وفيما يلي نص الحوار.
المقدم: ما هي سائر معالم الإسلام الأصيل غير معلم رفض الظلم؟
سماحة السيد: هنا سماحة السيد القائد الإمام الخامنئي يذكر عدة نقاط في هذه القضية، الأولى هي رفض الظلم. وفي المقابل هو الإسلام الذي ينشر العدالة ويطالب بالعدالة ويطالب بتطبيقها وعنده الاستعداد لأن يحقق العدالة؛ يعني لو جاءت الأمة إلى هذا الإسلام أو من يمثل الإسلام في كل زمن، وأرادت العدالة فإن عنده من القوانين والاستعداد لأن يطبق العدالة، وهذه مسألة مهمة جداً. طبعاً هنا قد يقول قائل: أنتم تقولون الإسلام المحمدي الأصيل، وهل هناك إسلام آخر؟! نعم سوف نأتي بأن هناك إسلام أمريكي، وهو شيء آخر وعنوان آخر. 
إنّ من أهم معالم هذا الإسلام (الإسلام المحمدي الأصيل)، هو أنه إسلام جهادي مقاوم، يعني ليس إسلاماً معتكفاً خاضعاً وجالساً في زاوية، وليس إسلاماً يقبل بما هو واقع؛ كلا، بل يرفض الواقع إذا كان الواقع خاطئاً بالطبع. ولذلك فإن من أهم معالم هذا الإسلام أنه إسلام مجاهد، والجهاد هنا أوسع من القتال العسكري المسلح، ويشمل الجهاد الثقافي والجهاد السياسي والجهاد الاقتصادي، وعلى سبيل المثال، الإسلام الذي كان في شعب أبي طالب، إسلام مجاهد مقاوم ولكن في البعد الاقتصادي، والجهاد في نهج البلاغة جهاد ثقافي، وفي الصحيفة السجادية جهاد ديني، وعند الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام جهاد فقهي معرفي. إذن عندما نقول هذا إسلام مقاوم يعني يرفض الخطأ والانحراف بشكل عام، ولا يرفض الظلم فقط. إذن بُعد رفض الظلم شيء، وبُعد أنه إسلام مجاهد مقاوم في كل الأبعاد السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والتربوية والأخلاقية شيء آخر. فالإمام السجاد كان مجاهداً حقاً ولكن بالدعاء، وهذه طبعاً تدل على مظلومية أهل البيت، لأننا نسلط الضوء على الإمام الحسين فقط، لأنه جاهد بالسيف والدماء رغم أهمية ثورة الإمام الحسين، وهذا ما أوصانا به أهل البيت عليهم السلام، ولكننا نغفل عن البقية، فالإمام المجتبى عليه السلام بهذا التوقيع وبهذا الإمضاء مع خليفة الشام كان مجاهداً مقاوماً ولكن في البعد السياسي. ولذلك نجد في بعض الكتب التي تتناول صلح الإمام الحسن، وعند بعض الكتاب وبعض العلماء ومنهم السيد القائد في ترجمته لأحد الكتب العربية إلى اللغة الفارسية، نجد قراءة ثانية لحركة الإمام الحسن. فإن بعض الشيعة يقرأ الإمام الحسن وكأنه أضعف، وكأنه والعياذ بالله خانع خاضع؛ كلا، إنه كان مجاهداً ولكن في بعد آخر. 
هذا الإسلام أيضاً يصطف مع المحرومين ويدافع عن الفقراء والمستضعفين. انظروا إلى خطابات الإمام الخميني الذي كان دوماً يتحدث فيها لا عن الشيعة بل عن المستضعفين في العالم. والقرآن الكريم أيضاً عندما يأتي إلى النصر النهائي ووراثة الأرض، يقول المستضعفين ولا يقول المسلمين أو المؤمنين: ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾. إذن هذا الإسلام منبثق من القرآن. 
ومن المعالم المهمة في هذا الإسلام هو الإسلام البعيد عن التجملات المبعّدة عن الآخرة، وهذه طبعاً نقطة مهمة. الإسلام المحمدي الأصيل بلا شك يدعو إلى أمان الدنيا، ولكن الدنيا ليس للدنيا وإنما الدنيا للآخرة، وهذا مفصل مهم. إن الإنسان تارة يعمّر الدنيا للدنيا وتارة يعمّر الدنيا للآخرة. الإسلام المحمدي الأصيل يدعو إلى بناء المجتمع الإسلامي، الإسلام المحمدي الأصيل يدعو إلى القوة الاقتصادية، وإنّ هذا الزهد الذي تذكره الروايات، إنما هو في البعد الفردي وليس في البعد الاجتماعي؛ يعني أنا يجب عليّ أن أكون زاهداً. يقول أمير المؤمنين: «والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى ستحييت من راقعها»، ولكن نفس أمير المؤمنين كان يعمل وكان يريد للمجتمع أن يكون قويا اقتصاديا وأن ينافس، كما الجمهورية الإسلامية التي يجب عليها اليوم أن تنافس العالم في الاقتصاد، وهذا هو مسير الولاية، رغم أن الإمام الخميني والسيد القائد من أزهد الناس، ولكن هذا في البعد الفردي. النبي (ص) يقول: «الفقر فخري»، ولكن نفس النبي (ص) كان يعمل وكان يريد للمجتمع أن يكون قوياً. إذن هذا الإسلام المحمدي الأصيل يريد إعمار الدنيا للآخرة، ويريد أن يكون الجيش الإسلامي قوي، والدولة الإسلامية قوية، والاقتصاد الاسلامي قوياً، والمجتمع الاسلامي له ركائز قوية، وأن يكون المجتمع الاسلامي مجتمع مؤسسات كما يعبر عنه اليوم، وبذلك يكون دولة عظمى. وعلى سبيل المثال لو لم يكن في الجمهورية الإسلامية باعتبارها دولة إسلامية، صناعة، ولا تجارة، ولا زراعة، ولا تصدير، ولا نفط، لما كان بإمكانها أن تستمر 35 سنة، بل كانت تخضع بأقل تهديد وبأقل إغراء. إنّ الذي يقاوم ويبقي هذه الدولة بل وأي دولة إسلامية كما دولة رسول الله أو دولة أمير المؤمنين هو الاقتصاد. 
إذن الإسلام المحمدي الأصيل يطالب ببناء الدولة. ولنذكر من باب المثال حزب الله، لو كان قداكتفى في السلاح بالكاتيوشا، من باب أننا زاهدون، ماذا كانت النتيجة؟ هنا ليس محل الزهد، فلا زهد في السلاح، لأنك إذا بقيت على الكاتيوشا في سنة 2014 ومع تطور السلاح، لا يمكنك أن تواجه العدو، صحيح بأن المواجهة تحتاج إلى الإيمان والإخلاص ولكن إلى جانب ذلك: ﴿وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ﴾، وهذه بالطبع تمثل البعد الدنيوي ولكن الهدف هو: ﴿تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ﴾ وتواجهون به الأعداء. إذن الاقتصاد والسلاح والمال والثروة والميزانية والإدارة والهيكلية الإدارية والاستراتيجية والاقتصادية وبناء المجتمع؛ هذه كلها من مزايا ومن خصائص الإسلام المحمدي الأصيل. 
الإسلام المحمدي الأصيل إسلام متكامل في الجبهة قوي؛ ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ﴾، ولكن ﴿رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾. هذا هو التعادل وهذه هي الأمة الوسط. ﴿ وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ ﴾، ولكن ضد العدو، لا فيما بينكم. هذه تقريباً وبشكل مختصر هي معالم الإسلام المحمدي الأصيل. 
هنا يرد سؤال وهو أن الجمهورية الإسلامية هل استطاعت أن تحقق العدالة؟ ويمكن أن نطلق سؤالاً آخر وهو الأدق: هل تسير الجمهورية الإسلامية في طريق تحقيق العدالة؟ إذ تارة تأتي دولة لا تسير أساساً في طريق تحقيق العدالة وتطبيق العدالة، نعم لا شك أنّ الجمهورية الإسلامية استطاعت وبدرجة كبيرة جداً أن تحقق العدالة، ونفس الوليّين الإماميين الخميني والخامنئي، قدس الله نفس الإمام الخميني وأدام ظل الإمام القائد يقولون: نحن في الطريق. هذا مع كل الضغوطات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، فقد بدأ الحصار منذ سنة 1979 وليس اليوم، إضافة إلى الحرب المفروضة التي لا يتخيل الكثير من أبناء العالم العربي حقيقة هذه الحرب، فقد جاء في بعض الذكريات عن الحرب أن الحصار كان قائماً حتى على الأسلاك الشائكة، بل وحتى على لباس الغواصين، وفي الطرف المقابل، كل العالم ساند صدام وجيش صدام. عندما نأتي ونجد الضغوط والاغتيالات والحصار السلبي والاقتصادي والهجمة الإعلامية الشرسة جداً، نقف بإذعان وبخضوع وبتواضع وبفخر أمام أنها حققت الشيء الكثير الكثير في طريق العدالة. بيد أن الإمام القائد يقول: نحن لم نحقق شيئاً ونتمنى الأكثر، ولكن هل هم سائرون في الطريق؟ نعم بلا شك هم سائرون، لأن القائد وأتباعه وأنصاره يريدون مرضاة الله، ويعملون أداءً للتكليف، وليسوا هم طلاب سلطة، وقد ثبت ذلك بالدليل. وما داموا هم يسيرون في هذا الطريق، إذن سيصلون إلى النتائج، ولا شك أنهم قد حققوا نتائج مبهرة مع الأخذ بنظر الاعتبار مسألة الحصار والهجمة الإعلامية والسياسية والضغوطات واليوم داعش وأمثالها، فإن الهدف الأول للاستكبار العالمي هو الجمهورية الإسلامية في ايران. 

 

 

ارسال التعليق

You are replying to: .
captcha